الأحد، 31 يوليو 2016

ما تعلمته عن العقل 2


ملاحظة:
قمت بجمع مقالاتي التي كنت أكتبها اثناء المدرسة
لكن لم تقبل دور النشر بتنقيح و تعديل أو نشر ما كتبته
لذا فضلت أن أنشره في مدونة
اسمي سيما
عمري 21 عاما
درست في جامعة البتراء لمدة سنتين و لم أكمل لأسباب مالية
أردت دراسة الريادة الطبية
أمارس يومي فيعالم الكتابة برغم هشاشة لغتي

 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 









1.0.1. ثلاثين دقيقة مقدمة لدرس لا يتجاوز الخمس دقائق!

اعتدت في بداية عملي كمعلمة أن أقرأ كثيرا و أسأل هنا و هناك حول كيف أستطيع أن أعلم بشكل أفضل. لا أزال أذكر ماهي الطرق التي كرهتها فقد جلست أكتب عنها كثيرا بينما كنت في المدرسة. كان بداخلي غضب و أردت أن أقدم ما هو أفضل. و يبدو أن عملي في هذا المجال أتاح لي الفرصة لاضافة شيء من رؤيتي الخاصة و لم يتح لي المجال للتثبت من شكوكي بشكل عام فالملاحظات الاجرائية لعدد محدود من الطلاب غير كافي لاجراء أي دراسة علمية دون متابع مشرف أو وجود معاون في البحث. و بأي حال لم أتخيل يوما أن استراتيجية قرأتها في كتاب عن الاسهاب في المقدمات مقابل تقليل الوقت المصص للدرس يعتبر فعالا و ابداعيا. حتى جاء ذلك اليوم الذي انتشرت فيه التنمية البشرية. و الواضح كان أن عدد المحاضرين و المدربين لم يزيد عن عشرة في بدايته الا أن هؤلاء العشرة الأكثر شهرة حملو الراية لمدة تقارب ال خمس سنوات الأولى و مشو في كل مكان و لم يتركو بروشور لم يوزعوه. و ان نظرت الى كم المصائب التي تسببوا بها فلعلك تدرك حجم و اهمية التمهيد عن التسامح لعشر سنوات بينما على المتلقي و هم أكثر من عشرة أن يحملوا راية العلاج لعشر سنوات أخرى بينما يجلس عزيزنا ابراهيم الفقي في عالم الموتى و الذي حتى اليوم لا أجده صحيحا كخبر و أظنه هرب من ال 80 مليون مصري في بلاده. ثلاثة آلاف و خمسمائة و ستين كلمة عن التسامح مكررة طبعا و لربما اسبوعيا او يوميا جعلتني أفكر بكم مرة علي أن أكرر على مسمع الاخرين ما اريد لاحصل عليه؟ هل يكفي ان اقوم بابلاغ شخص ما أني أنوي حرق منزله مثلا و هل اخباره بالقصص لمدة عام كامل تكفي مثلا لجعله يتحمل صدمة حريق منزله و بالتالي يسامح فعلا؟هل يفقد الانسان عقله لدرجة التسامح بعد امجلاء الحقيقة فان كان غبيا مرة كيف يقع في الحجر مرتين؟


1.0.2. انبوت ، أوتبوت

في جلسة حوارية تلفزيونية حضرتها منذ فترة و ان كان قليل هو عدد تلك الجلسات الي كان وقتي يتسع لها فان الموضوع كان عن المدخلات و المخرجات التعليمية و التربوية. و بعد أن استمعت للعديد من الآراء هو امكانية تعديل المخرجات التعليمية ضمن برامج تسريعية لمساعدة اللاجئين و امكانية تعديل المخرجات التعليمية عن طريق تغيير المدخل ألا و هو المنهج المستخدم في البيئة التعليمية و أخيرا فكان هناك رأي يعتمد على النظرة الشمولية لحتمية تغيير المخرج التعليمي و التروي لمؤسساتنا في الوطن العربي. و بأي حال فقد جلست أتأمل المدرسة السلوكية التي تؤمن بأنها تستطيع جعلك من تريد و ما تريد بأي وقت كان باستخدام الأساليب الصحيحة النفسية و المجربة و المثبتة علميا كما يمكن بنفس الطريقة انتهاج طريقة لتغيير المخرج التعليمي في أي وقت باستخدام الطرق الصحيحة و لكن أين هذه الطرق التي لم تظهر في مؤسساتنا الا متأخرا بشكل منهجي و مدروس في المراحل الثانوية. و برغم قناعتي بالمدرسة السلوكية التربوية و مايمكن لعلم النفس من فعله و تأثيره فيك مما يجعلك لربما قابلا للطرق و السحب كفلز كيميائي و هو أمر مضحك و خطير في الوقت نفسه الا أنني من أنصار الفكرة التي تقول ما تسمعه هو ما تقوله و ما تقرأه هو ما تتحدث عنه و ما تأكله هو ما يدور في جسمك. هذه الجزئية بالذات تعني أن لا شيء يستحدث من العدم و أن ما تجده حولك هو ما تستخدمه و تدركه و تعقله و تتفاعل معه. و ان عمليات الابتكار و الابداع على روعتها و عظمها فهي لا تبدأ من العدم و كذلك رياديو الأعمال لا يبيعون منتج غير موجود مسبقا فحتى منال العالم و الشيف رمزي لم يستحضروا لنا طبقا من الجنة أو المريخ من حيث لا نعرف و لا ندري. و لا يتعلق الأمر هنا بالتعلم بالملاحظة لما هو حولك انما بما تغذي به بيئتك و مجتمعك و عقلك و روحك. و يثبت هذا مقولة قل لي من تخالل أقل لك من أنت ، أيضا تعني أن ما تغذي به وقتك من أنشطة مع صديقك هو ما تتصرف به أنت نفسك و تتجه له. و لذا فانني منذ 8 أعوام تقريبا سمعت بخبر كما سمع به أهل بلدتي و ضج و عم في كل مكان عن حادث سيارة وقع لطالبة مدرسة. وكالكثيرين وقتها صدقت الخبر و عندما أردت الذهاب لعزاء تم مماطلتي من قبل صديقتي و حينما ذهبت كان عزاء عاديا و لكني حدسي كان يخبرني بأن الأمر ليس كما يبدو و حدسي حين يزورني و يطرق باب قلبي فهو صادق معي للأسف. و بعد فترة من الزمن اتضح لي ذب الخبر و أن هناك مشكلة مرضية متعلقة بالفتاة و ما كان من أهلها الا محاولة تهريبها خارج البلاد بهذه الحجة اجتماعيا على أنه لا يوجد أي توثيق فعلي لدى السجلات الحكومية بما أنه لايوجد أي تأبين رسمي. و حين أتسائل عن سبب حدسي آنذاك فأقول أنه لم يأتي من العدم أيضا فمن نقل الخبر و من نشره و من تعلق به هم أشخاص شهدت عليهم سلوكيات غير معهودة اجمالا في بيئتي مما دفعني لاستغرابها في باديء الأمر و محاولة التيقن منها عقليا على الأقل. و انت و انا نعرف أن الكثير من الامراض تنتقل بالوراثة فهي أيضا لها منشأ و لها وجود و وسط ناقل. ما تزرعه هو ما تحصده لربما تلخص لنا حالة بلادنا العربية اليوم و كل فرد منا له بيئة كانت مدخلاتها واضحة المعالم في مخرجات حياته الحالية. فمن اعتاد رؤية الفشل حوله لا يتعلق الأمر فقط بأن نظرته للحياة قاتمة أو اكتئابية بل ان مدخلات السعادة و النجاح أيضا غير موجودة غالبا و هو ما لا يطور لديه القدرات التي يحتاجها للتطور و الوصول الى المخرج النهائي الناجح الذي يريده. برأي أن النبي موسى عليه السلام لم يكن ليصل الى ماهو عليه من قدرته على مواجهة فرعون لو تربى في حجر أمه حيث المدخلات كانت لتكون مخرجا مختلفا. و سأكرر دائما و أسألك في أي بيئة تربيت ؟ بماذا غذتك بيئتك؟ على ماذا ربتك بيئتك؟ تسألني صديقتي مالذي تحرصين عليه في تربية بناتك و أخبرها أني لم أنجب ابنتي حتى تأكدت أني أنا نموذج مقبول و ناجح على الأقل لتستقي مني النجاح هي أيضا. النموذج المثالي غير مطلوب و لكن النجاح مطلوب و واجب على كل أب و أم. في أعمالنا نحاسب على التأخير في الحضور و يعزز لدينا هذا مدخل يقول أن الوقت أمر أساسي و لا نقاش فيه في غالبية مؤسسات العمل المعتمدة على الأنظمة الحكومية لا على الانتاجية و التطور و بالتالي فلن تستغرب كيف يكون أبناء شخص تربى على أهمية الوقت . ستجد أيضا أبناء الشخصية العسكرية سريعو الاستجابة و البديهة لأن هذا كان مدخلا في بيئتهم و تربيتهم. و لعل الجملة التي تعجبني في هذا الصدد هي
What you see is what you get




1.0.3. الشك أفضل من اليقين

ماذا لو أن أحدهم قرر سرقة حياتك مقابل منحك قصة صغيرة. يقال أنه بامكانك سرقة شيء أو مال و حتى بامكانك اختطاف انسان و لكن ماذا عن سرقة حياتك و سنوات من عمرك؟ ماذا عن سرقة وقتك؟ الكثيرون يظنون أن الوقت للمتعة و الاجازات و انا أظن أن بامكانك بناء دولة كاملة في 15 الى عشرين سنة من 10 ساعات عمل يوميا!  ماذا عن بناء بيت في الجنة؟ أو بناء مستقبل لك أو واقع تريده؟ كم سيكلفك ذلك من الوقت؟ لست من أنصار دراسة الشريعة و العلوم الدينية قبل الأربعين من عمرك اعتقاداا مني بأن تكليف الأنبياء لم يكن أبدا لأحدهم في شبابه بل لابد من نضج الخبرات الاجتماعية و النفسية و العلمية أولا و اليوم و قد بلغت ال 25 من العمر فاني أظن أن بناء مدرسة أهم من الدراسة فيها و بناء جامعة أفضل من الدراسة في واحدة. الكثير من الوقت يمكن اضاعته و لكن أسوأ من ضياع الوقت هو استثماره في حياة افتراضيه حيث يستخدمك أحدهم و يجعلك فأر تجارب ! لا يعتقد أي من علماء و مختصين علم النفس و الاجتماع بأي من الحقوق أو الاخلاقيات أو التشريعات في حق المقام الاختبارت عليهم. و حين تخرج من قصة تشبه تجربة نسجها احدهم لك مقابل سرقة وقتك ليحصل على نتائجه او اضاعه وقتك باي حال و اخفاء الحقائق عنك تخلص الى ان وجود الحكومات وهمي أكثر مما نظن و ان اي وجود الهي ايضا لا قيمة له في ارض واقعك. وليس مهما فعلا ان تؤمن بقدر ماهم مهم أن تدرك بشكل شمولي و حقيقي ما يحصل حولك فبينما تنتشر آلاف الاعلانات يوميا في محاولة لبرمجة عقول الملايين حول ان الجمال مثلا يأتي في مرتبة ثانية أو ثالثة فان العلم يخبرنا بأنه المعيار الأول للقبول الاجتماعي. كما يخبرنا العلم أيضا و الاحصائيات الصحيحة منذ 15 عاما أن تكرار صورة و مشهد ما للمجتمع تجعلها مألوفة و مقبولة و بعد فترة من الزمن تصبح قديمة أيضا و لكن اليوم يقول لك أحدهم ما لا يفعله و الحقيقة أنك لن تجد اجابة أصدق من تلك التي يقوم بعملها الشخص نفسه و الثقة هي أكبر خطأ و لأني أفكر في مدى جدية ايمان من ءامنوا برسل الاأديان هل كانو في كامل قدرتهم العقلية؟ اليوم لا تحتاج أبسط من الادراكات الذهنية لتقول بأن هناك قوة عظمى خلقت الطبيعة و البشرية و ان ما يبدا ينتهي و ما يبدا مرة يبدا مرة ثانية و لكن أن تخبرني بأن هناك ما يثبت بأن القران نفسه ليس كتابا تمت طباعته و نقله الي في عام 2016 و مطلوب مني أصدق ذلك فهذا صعب. في عالم اليوم يوجد آلاف من الجامعات و الابحاث الوهمية و التي جاءت بنتائج معاكسة للاحصائيات الحقيقية و تجد ان العلم الحقيقي لربما غير موجود و عليك ان تضيع وقتا طويلا في البحث عن معلومة لن تجدي ربما نفعا مع عدم وجود تميول لتنفيذها على الواقع او استخدامها. و لربما كنا مأمورين بالطاعة تلقائيا ابتداءا من الصلاة في عمر السابعة فاني اظن ان التفكر في المبدأ لابد يوجد فمالذي تفعله حين تخلق ابنا مطيعا و غير مفكرا و غير قادار؟ انت فعليا تتخلى عنه و لا تترك له المجال لاختيار ديانته. أنت أولى بالشك و بأن لا تعجز و أن تعيد تقييم الامور باستمرار فلايوجد ما يسمى أن تتخذ شيئا الى الابد سواء كان مهنة او ديانة بل ان من حسن ادراك الحياة ان تعلم ان الانسان يتغير و هو حق له و ان تصرف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أفضل من تصرف أبو عبيدة بن الجراح و لو كان الأخير أفضل منه لتمت توليته في الخلافة و في الصلاة و في تصرف النجاشي باخفاء دينه فضل كمثل من نطق بالكفر عند التعذيب و اخفى دينه لنفسه.ليس مهما أن تبدي رأيك أو تقنع به الآخر أو حتى تحاوره أو يوافقك في المنهج و المبدأ بل من المهم فقط أداء رؤية معينة يتم الاتفاق عليها ومن ذلك الاعمل على المشاريع الجامعية او مشاريع الحياة. التوافق يختلف عن الاذعان و المسايرة و الحكمة تكمن في ان تترك للاخر الظنون و تفعل ما تريد و ما انت مقتنع به سواء أضر ذلك بالىخرين أم لا. ليس مهما أن تبدو نزيها أمام نفسك بل أهم أن تجد بيتا لك تملكه بدل البقاء في الشارع. ليس مهما ان يكون عندك سمعة طيبة طالما أن الغابة لا تضمن للثعلب أن تتحسن سمعته.



1.0.4. التربية


التربية كلمة واسعة المعاني لكني لم ادركها يدا الا بعد ان اصبح عمري ثلاثون عاما. عملت و اجتهدت على الدخول الى عدة مدارس لاحاول فهم اختلاف المنتج التعليمي الذي يعمل اليوم كما لو كان الام و الاب. صحيحان الطفل مثلا يعرف ان ما تسمح به ماما ممنوع من قبل بابا و يمكن المعاقبة عليه من قبل المعلمة و لكن اعلام الاطفال يقدمه بشكل يومي تماما كما الخبز و الماء.

حين يكون نسق العائلة واحد فلا تجد اختلافات ظاهرة و لا تستطيع التفريق بين الانسان الناتج من كل عملية تعليمية مختلفة عن الاخرى و لكني اسعى كل يوم في الفترة الحالية لاكمال ما بدات عليه من البحث عن منتج بشري مختلف فكثيرا ما كنت اطمح لهذا المنتج. برغم اني قضيت اياما افكر في كيف اريد ان يكون ابنائي و كيف اريد ان يكون المجتمع في جيل جديد مختلف عن غيره.طبعا سؤال كهذا يترافق معه اسئلة كثيرة على كل الاصعدة مثلا كيف ساوفر اجواء مختلفة كيف سيكون المعلم مختلف؟ و كيف ساوفر هذا الشخص المختلف؟ و كيف اريد المجتمع الجديد ؟ و هل يجب ان يكون الجميع مثل بعضهم؟ هل حياة هذا الطفل الجديد ستتضمن مدرسة؟

شهدت اطفالا يفكرون كثيرا و يتم اعدادهم للتفكير فقط و التعبير مسموح به في شكل الرياضة و الكتابة فقط. و رايت اطفالا ابيح لهم التعدي يوميا على الاخرين و يتم اعدادهم للاعمال التنفيذية التي لا تطلب الكثير من التفكير. و هناك اطفال حرموا من التعليم و تم اعدادهم للعمل في اعمال صغيرة لا قيمة لها كثيرا في المجتمع تماما كما تم اعداد اطفال اخرين ليكونوا الجيوش المستقبلية و شهداء يفعلون ما تؤمر به فقط. من سيكون ابناؤك و اي دور سيلعبون؟و لابد للمربي ان يطرح اهم سؤال: من سيكون عدو ابنائي ؟

أستغرب كثيرا ممن يمتلكون اموالا و يدفعونها مقابل تعليم غال الثمن و لا يعرفون الى اين يتجه ابناؤهم. ان اول نقطة تبدا منها هي انت كأب و انتي كأم: ماذا اريد ان اسمع من ابني بعد ان اكبر و اراه امامي؟ هل سيدعو علي لاني لم احسن اليه؟أم اريده يشكرني على ما قدمت له. يوم القيامة يسأل الاب عن الابن و العكس و اهم حق تبدا به لابناءك هو التسمية و حسن اختيار الام. لابد لك ان تختار معاركك في الحياة جيدا و وجود ابناءك هو اهم ما تفكر به و تخطط له. بعد ذلك تاتي التربية التي مصدرها الام. فهناك ام تربي ابنها ليكون منضبطا و اخرى تمنحه القدرة على مواجهة مواقف و مشاكل الحياة و هناك ام تربي ابنا ليكون مؤدبا و خلوقا و اخرى تربي ابنها ليكون مثال لغيره و يحمل مسؤوليتهم و ام اخرى تربي ابنائها ليقاتلوا و هكذا فان التعليم الذي تقدمه الابناءك هو عبارة عن المنهج و المعلمة التي تتعامل مع ابناءك. يجيب كلاهما عن سؤال مهم
ماذا تريد يكون دور ابنك في الحياة و من تريد يكون صديقه و من عدوه؟

التربية يعني ان تصيع في انسان شخصيته و سلوكه و اطباعه و تفكيره و طريقة حياته. فهي ببساطة تشبه النحت و التشكيل الفني. و الرسول عليه الصلاة و السلام يقول  ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ؟ ثم يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله
الفطرة تعني عدم التشكيل و هنا يطرح سؤال نفسه. هل ممكن ان بقى الانسان على الفطرة؟ و هل من الصحيح ان يبقى على الفطرة؟ ماذا لو كان يتيما بلا ابوين؟ في يومنا الحالي بلا ابوين تعني ان تنجو من الفكر المبثوث عبر الاعلام منذ طفولتك و من القوى الممارسة عليك من قبل المعلمين في المدرسة و الجامعات و من تاثير الكتب على خيالك و قراراتك.وهنا لربما يتبادر الى ذهنك معنى ان لا يجد ابنك من يضيء الطريق له امامه او يقوده في الحياة فيمضي عمره يتلمس العلم و يجرب وكم من الصعوبات عليه ان يتجاوز و فيما اذا كانت المعرفة المقدمة في مدارسنا ذات قيمة. فالكثيرون يخلطون بين العلم و المعرفة. فان دراسة مثلا تثبت نتيجة علمية اما المعرفة فهي تثبت لك ما تريد بحسب عينة البحث. نعم التربية تتضمن قرارك حول ما تريده ان يدخل الى عقل ابنك فكل صوت يسمعه يجعله يهوديا او نصرانيا او مجوسيا اي يجعله يتخذ طريقا مرسوما من قبل غيره. ولربما كمسلمون علينا ان نتخذ طريقا حرا حقيقيا فيه علم حقيقي و ترك املعرفة للطرق المرسومة فهي مصممة لانتاج البشر بطريقة معينة و ترسم لهم اهداف محددة و ادوار و مشاعر. اما من (لا يتربى مع والديه و لاحظ ان الرسول صلى الله عليه و سلم عبر عنها بحرف الياء فقط في يهودنا و ينصرانه و يمجسانه) فهو من يضع اهدافه لنفسه و هو من يتحرك لها.

طبعا الانسان المسلم له والدين اي القران و السنة.و لربما تجد هنا تشابها بين وجود والدين اثنين و بين وجود مصدرين للتشريع. فلا قوانين يتربى عليها سوى هذه للمسلم و ليس عليه ان يقرا مئات و عشرات الكتب الا ليتمعق في العلم الذي لا يضيع وقته في المعارف المصممة من قبل البشر. و هنا يطرح سؤال عن حسن اختيار الام فيما اذا ان يعتمد اختيارها على الاب ايضا ففي حين ان القران جاء اصلا و السنة الشريفه تشرحه و تفسره و توضحه مما يمنحك صفة شخصية لطيفة في احد الابوين الا و هي التوضيح و التفسير و الشرح لما يقوله الاب الاخر. ومن هنا لابد من اختلاف في الطباع فاذا كان عدد ايات القران 6236 اما ابن حنبل فقد جمع 30 الف حديث صحيح غير مكرر بعد بحث شامل مرتين.

ولعل من الطريف ان قالت لي زميلة لي ترفض الانجاب بانه لا فائدة من انجاب اطفال لا مستقبل لهم ابنيه بنفسي مع مجتمع يؤمن بما اؤمن به و امنه على ابنائي كما امنة على نفسي. ففي حين ان مصادر العلم يتم احتكارها و تقوم المراكز البحثية في كبرى الدول باعتماد نتائج بحثية معرفية اي مبنية على عينة البحث فاني لا اعلم هل سياخذ ابني حقنة مضادة للانفلونزا ستجعله مكتئيبا و يتخلف عن اقرانه لبضعة سنوات. كيف لي انجاب ابنة تم اختيار مستقبلها من قبل مجتمع مدني لا احصل فيه على حقوقي الاولية. و طبعا فقد حدثتها زميلة اخرى بقصة موسى عليه السلام حين قال لها الله عز و جل ( لا تخافي) و هي في اشد موقف تفقد الام ابنها باحد اختيارين بالموت و لكن حصوله موسى عليه السلام على تربية بين قوم خائفين لن يجعل له القدرة على افعال النبوة . يقول الله عز و جل ( و لتصنع على عيني) اي ان الانسان هو صناعة باكملها و التربية جزء منه فقط. اما صديقتي شيماء فهي ترى ان عدم وجود مقومات في مجتمع تعيش معه و تعلم ان ابناائك سيتربون بالطريقة التي تريدها انت و ترضاها لهم دون الحاجه لانعزالهم عن المجتمع بشكل عام هو امر اساسي و من الصعب اليوم ان تجد من يؤمن بافكارك و يشاركك و لذا من افضل ما تفعله هو ان تنظر في المنتج الانساني الموجود على اختلافه بين الدول و المجتمعات و تعلم انك تريد هذه الحياة لابنائك فتقدمها لهم. اما عن امنية فهي ترى ان وجود مجتمع صغير و ان انعزل عن المجتمع الكبير بشكل كبير لابد ان يتوفر فيه مقومات و اناس يفكرون بالحياة بطريقة مميزة و يقدمون خدمات في قطاعات  الاعلام و الصحة و التعليم و التغذية و الطاقة و التكنولوجيا هي الاهم. و بوجود خلل و نقص في العنصر البشري المتميز في هذه القطاعات يعني انتاج جيل في خلل كبير ايضا او ثغرات تربوية لنقل. ترى امنية ان وجود ثغرة في نظام تبنيه يعد مشكلة اساسية حيث لا يمكنك تقديم قواعد لسنوات للشخص ثم تطلب منه ان يتعايش مع غيرها و كانما تضيع ما تعبت عليه لعشرين سنة .

تقول الاستشارية التربوية اسماء القربي عن شاب جاء يسالها كيف يربي ابنه و ماذا يعلمه. في البداية علمه حسن التعامل مع الناس و المواقف باختلافها و الوصول الى اهدافه و عرفه المحرمات الكبرى فقط كالخمر و الزنى و لا تمنع عنه شيء فما اراده ليعمل و يحصل علبه بجهده المهم ان تعلمه ان ينجح في وضع رغبته على ارض الواقع و ان لا يستشير احدا في ذلك. في سن المراهقة افهمه عن مسؤوليات الحياة و احتياجاته المستقبلية القريبة و البعيدة المدى و الواجبات التي عليه و طبعا لا داعي لتفصل له ركز فقط على الاساسي كتوفير مسكن و متطلبات اساسية من جهده الخاص دون الوظيفة. و بعد ان يحقق اهدافه و رغباته الاهم لابد توفر له من يعلمه اكثر عن تفاصيل الدين و لربما كان عمره ثلاثون و لا مشكلة.

1.0.5. صبر ام فشل؟

كثيرا ما تغنى الناس بالصبر و لعل معنى الصبر تحول اليوم ليغلف تجاهل مشكلات الحياة و الانتظار لمعجزة ما و مجرد انكار لضعف العزيمة او قوة الحيلة. ان ابا يوسف عليهما السلام صبر و لكنه كان يعلم من الله ما لا نعلم اما نوح عليه السلام فقد صبر مايقارب الالف عام لكنه كان يدعو و يبني الفلك. اي عزيمة تلك فهي لرسول يوحى اليه. ماذا عن الاصارار و الارادة للوصول الى الهدف؟ هل عزيمتك مقترنة بالعمل؟ و هل مجرد حصولك على وظيفة يعني انك تسير في الاتجاه الصحيح؟ كم من الناس يعمل و لا يصل الى نتيجة و يقضي بقية عمره نادما على وقت مهدور و طاقة منهكة. ان اول خطوة تؤدي بك الى عدم الوصول الى هدفك هو ان تتوقع نتيجة مماثلة لشخص اخر فتقوم بنفس فعله ثم تتفاجا لاحقا بان الابواب موصدة امامك سواء كانت بفعل فاعل ام بفعل فاعل. لا شيء يقارن بالتمرين المستمر قبل الوصول للنتيجة لتنجح مبكرا فاليوم تختلف المعادلات . انت تشبه موسى عليه السلام في فقده قدرته على الصبر و هو لا يعلم بما يحيط به. ان كنت قد فقدت الصلة بواقعك و ليس لديك حقاءق تعمل على اساسها فلا عزيمة و لا اسباب  ستوصلك لهدفك ابدا. لعلك اعتدت ايضا على الاسباب المباشرة لمداواة المرض فتاخذ حبة مسكنة لالم راسك و ياتي الهدوء سريعا. لكن كثيرا من الامراض تستعصي  على امهر الاطباء لانهم يتعاملون مع الاعراض تماما كما الاسباب المباشرة.
هل تاملت يوما ان كنا نعلم ابناءنا ماهي العزيمة؟ لقد علمتك امك الصبر كثيرا بمعنى الانتظار لتغير احدهم في استجابته او انتظار التقدير او ان تتقبل الواقع و العيش لك في الاخرة او تطنش اكثر و لربما نعتك الناس بانك كلول و ملول و مستعجل و ببساطة اعتدت على ان تحترق بداخلك كل يوم. لو ادرك احدهم كيف تشتعل بداخلك فلربما ان علتك تكمن في ظنك ان احساس الناس ببعضها يجعلها اكثر تعاونا. ابدا والله فان كل ما يتعامل مع المشاعر في ميدان الانجاز ضرب من الغباء و لا يهم سوى الرقم الذي تنجزه في حياتك و لن تستطيع ام تبدا بالعمل ان انتظرت فلان و فلان فهؤلاء باختصار فاشلون و من عداد البليون او التسعين مليون( مجرد رقم) تعلم الانتظار و تربى عليه و يقاتل غيره ايضا على ذلك. عندما تتقدم ستجد الاخرين يرجعونك الى مكانك. عليك ان تغمض اعين الناس عنك لتتحرك في الحياة. مثلا شجع الناس على اليوغا و الاسترحاء و التواكل و التسليم للقدر و لا تقل لو و لا تفعل كذا و لكنه هو يتقدم و يعيش ايامه بافضل مايكون بل و سيتم اتعامك بابشع الصفات من الحسد ثمنا لمحاولتك الخروج مما امت فيه من قيود و سجن الانتظار. لا تقبل ابدا ان تاتي بترتيب احدهم و حين يقدم لك احدهم شيءا تعلمي ان تغدري بهم فقط فلا افضل من الغدر ثمنا لمن خانك سنوات و قال لك اسفين سامحينا. تبا لكم لم يعد لديك شيء لتخسره فلتخسر كلشي و لتقولي لله اين انت مني حين تنصر من يظلمني؟ لعلك تحتاج لتؤمن بطيور تدعوها اليك فما ادراك ان تلك الطيور التي قتلت هي ذاتها التي جاءت نبيها. لعلها حياة واحدة فقط و لا يوجد اخره لعدل او لظلم. عليك ربما ان تعيش حياة واحدة فقط حياة لا اسلاميين فيها.



1.0.6. الابداع عند المصيبة

لابد انك اعتدت على الابتكار بديلا بعد عشر سنوات من رنين الابداع في اذاننا. الا ان الابتكار في المصيبة امر لابد لك ان تقق عنده. فماذا يعني ان تستثمر مصيبة كموت احدهم؟ احدى اسوا المواقف و اشدها على الانسان في قريب له او حبيب و طبعا فان مرارة الفقد بالموت مختلفة تماما عن كا سواها. اذكر اني حين وقفت للعزاء اول مرة في عمر الرابعة و العشرين طنت مصدومة من عدم بكاءي و خشيت من حولي فتصنعت الدموع و لكنس فعلا شعرت لا ادري بالبرود ام التسليم لقضاء الله في وفاة قريبي بالسرطان و هو لايزال شابا. الا اني قلت في نفسي لم لا يتم استخدام هذا الموقف بعد مدة. ففي حين ان والدة زميلتي توفيت منذ سنوات و انضمت الينا زميلة في العمل تعاني من ازمة نفسية جراء فقد والديها في حادث. ارادة الخير في النفوس جعلت الزميلات يقمن بادارة زيارة عزاء دون اخبار الزميلة الجديدة بان المتوفاة قد مضى على جنازتها مايزيد على عشرة اعوام!  
زميلة اخرى تقول شعرت بالرهبة من ألموت و قررت اني اريد ان اتخلض من هذا الخوف الشديد الذي اوقفني عن الطعام و الشراب فتعرفت على مجموعة زميلات و لم اخبرهن باسمي الحقيقي و بعد حضور محاضرات جامعية لمدة فصل دراسي كامل كتبت اشهارا على الفيسبوك بالوفاة و طلبت من زميلتي استضافتهن حتى انني و زميلتي هذه تواصلنا عبر الفيسبوك معهن و استمعت لما يقول الناس عني و شعرت بالاطمءنان نوعا ما. اما عن  سيدرة فلها رؤية مختلفة حيث تقوم بتوزيع مصحف من القران عليه ورقة تعزية لموت اسم مشابه لها في كل مناسبة مفرحة لديها و تقول( ادرك ان المصاءب عند البعض تعني السعادة عند الاخرين و اتخير اوقات سعادتي و حزني  ايضا فانا اتهادى مع زميلاتي في وقت مصيبتي مما يجعلهم يتعاطفون معي اكثر. المصيبة واقعة باي حال و حسن استثمار المواقف للمستقبل امر عاقل جدا)

1.0.7. ما رايك بالنقد؟

لعلك حين تقرا السؤال تخطر ببالك اجابة او اثنان الا ان حسن السؤال لا يعني ان تكون دقيقا في المعلومة التي تريد الوصول اليها و لا ان تقوم بتحليل الحروف الانيقة و الكلمات المفتاحية. السؤال ببساطة متعدد الاوجة و يشبه نقطة الحبر في اختبار نفسي و اجابتك طبعا تعبر عنك و لكنها ليست معيارا قاطعا للحكم عليك براي الشخصي. و اساس وجود الراي ان يكون هناك راي مخالف لان الاراء تتبع المنطقية و السببية و كلاهما صناعة الانسان للعقل و ليست من الفطرة او الصواب او الاسلام بالضرورة في شيء.
و على اي حال فان اجابتك لا تعبر عن شخصيتك انما تدير دفة الحوار باتجاه ما.
النقد هنا راي متفحص او مال او عملة نقدية . الا اني اعني به هنا الانتقاد لموقف ما او راي اخر و تعبير عن رايك و ذاتك.
و طالما ان الاختلاف هو موجة العصر و رضي بها الغالبية لمصالحهم فلا مشيءة لنا الا بتقبل النقد كعنصر قي معادلة الفكر و تطوره و ارتباطه بتطور عجلة الحياة غالبا.
علمتني الحياة ان لا اطرد خصما لي او امرا يسبب لي المشاكل بل ان اعيد استثماره تماما كما تقوم باصلاح سرير نومك بدل شراء الجديد.
منذ بضعة سنوات كنت اصل حد الاكتءاب من كثرة الانتقادات حولي ذلك ان اداءي الاجتماعي لم يكن مرضيا لاي ممن حولي و قد تسبب ذلك لي بالتعب و توقف المحاولة عن التطور. الا انني تيسر لي لقاء بضعة اشخاص يهدفون الى ارسال نصيحة طيبة لك و هو نقد مغلف طبعا فليس كل الناس يودون ان يجلسوا في كرسي دونالد ترامب و يستكعون لمن يسخر منهم بداعي انه برنامج تلفزيوني يريد ان يختبر ثقته بنفسه  فهذا غباء منه و حسن تدبير من مخرج البرنامج.  و على اي حال فان ارسال انتقاد مبطن يعد امرا خبيثا و سيءا فهو يجعل في النفوس نفورا فلا يرغب الشخص بالعلاقات الاجتماعية لانه يعلم انه لا يستطيع ام يسترخي و يحتاج فقط الى تقبل النصيحة مرغما. و طالما اننا تحدثنا عن اساس الاختلاف فان الوعي بهذه النقطة يجعلك ترفض الانتقاد و الانقياد لااي حزب اجتماعي باي من صفاته و سيناريوهاته. و هنا فقط تضطر لاعادة صياغة علاقاتك الاجتماعية و التركيز على الانتقاد فيما فيه نصيحة شرعية فقط. فالاديان لا تتدخل في الالوان التي تختارها و لا في مكان نومك في المنزل. و في هذه الحالة فان النصثحة داءما موجهة لاولءك الفاشلين اجتماعيا في عيون من حولهم و عليهم الكثير من الدلات و علامات الاستفهام و الفواصل و نقاط الترقيم كافة!
للنقد مشكلة واحدة انه لا يتفهمك و بالتالي فهو غير فعال اما النصيحة فهي رسالة قصيرة  موجهة و ذات اثر و قد لا تتعلق سوى بحصول منفعة مشتركة.
لست مضطرا طبعا لالغاء النقد و بامكانك تحقيق الشروط التالية الاساسية للنصيحة الناقدة
١. انصح يوما واحدا في الاسبوع او اثنين فقط
٢. لا تتجاوز الخمس دقاءق في حوارك
٣. ركز على رسالة واحدة في كل مرة فقط. فلان غير انيق في اختيار ملابسه ابدا و هنا الرسالة هي : هناك موضة جديدة و تليق بك تعال لنتبضع في نهاية هذا الاسبوع فانا اعلم ان فلانة التي تحبها تعشق هذا اللون
٤. لا تكرر
٥. دعم الراي بقصة غير مباشرة
٦. ادعم الحلول و لا تكن ممن يلقي كلمته و يذهب. فان كنت تنصح احدهم بالامثار من شرب الماء فاحرص على تقديم الماء له يوميا و اصطحابه للوقوف بجانب براد الماء و القاء بعض النكات بينما تشربان الماء.
٧. ابدا بنفسك و هذا مهم فان علم من تنصحه بانك لا تفعل ماتقول فلن يتقبل اي نقد او نصيحة بعدها
٨. لا تحطم شيءا عزيزا في نفس الاخر فتثير غيرته ليتغير فبعض الناس يجيد استثارتك بسرعة و يتركك منزعجا لساعات و يكرر ذلك بحجة النصيحة و الثواب.
٩. ابتعد عن اخبار الشخص بانه ليس وحيد في خطاه و ان هناك من هو مثله فالشخص المخطيء لايرى المشكلة و هذا يثبت في نفسه انه مخطيء رغما عن انفه و سينكر اكثر فلا تنسى ان الخطا تابع لتعدد وجهات النظر طالما ان الحضارة التي تعيش بها ذات ابعاد كتعددة و ليست براي موحد ككا الجماعات الاسلامية او المتطرفة او السياسية.
ما هي الأولويات في الجامعة؟

الجامعة هي تجربة الحياة الأولى للبعض أو الثانية بالنسبة للمراهق أو الثالثة بالنسبة لبعض الأطفال الذي يمنحهم أباؤهم فرصة مميزة في صياغة معنى الحياة منذ الطفولة. في الجامعة يتسنى لك فعل الكثير و تفتح لك أبواب كانت قد أغلقت في فترة مراهقتك و طبعا أنت لا تزال مراهقا بحسب التعاريف الطبية! و لا بأس المهم أن تحقق ثلاث أشياء في المرحلة الجامعية فهي الأولوية. أولا إقامة العلاقات و حسن التعامل مع الناس و اكتساب قلوبهم و الاهتمام بهم بصدق فصداقاتك الحقيقية في جامعتك هم من سيعيش معك بقية العمر غالبا و لابد أن يكون لك زملاء و أصدقاء و مسؤوليات اجتماعية تمارسها بمتعة و تطور مهاراتها و لتعلم أن العلاقات الإنسانية و الإنسان أثمن من الخلاف و لتكن المودة فوق الاختلاف. ثانيا كلما بذلت جهدا و وقتا في التعلم و الممارسة لتخصصك كلما ساعدت نفسك في بناء حياة أكثر استقرارا لاحقا من الناحية المهنية بالذات لذا اختر تخصصك و جامعتك بعناية . ثالثا انتهز و خذ كل الفرص القصيرة المدى و لا تأخذ قرارا بعيد المدى أبدا.

1.0.8. امتياز السؤال يعطيك  الاجابة التي تريدها

لربما سمعت كثيرا عن المقولة حسن السؤال نصف الاجابة الا ان فن السؤال تطور الى الحصول على الاجابة حتما و قد تمنيت لو اني تعلمت هذا الفن مسبقا بدل من الاحباط جراء الحصول على الرفض المستمر
تقول عزيزة (  كنت اريد السفر للدراسة في الخارج و تشدد من حولي في انه حرام و اثيرت المشكلات ثم قمت باستفتاء بضعة شيوخ بطرح السؤال عبر الانرنت مباشرة و اجابني البعض بانه حرام مطلقا و اخرون تحدثو عن امكانيته في ظروف معينة. الا انني تفاجات بعد بضعة سنوات بفتاة تقوم بطرح السؤال بطريقة مختلفة و تحصل على اعذار شرعية لكل ما ترتكبه. مثلا تسال الفقيه فيما لو كانت المراة وحدها فهل يجوز ان تسافر؟ فيما لو كانت متقدمة في العمر فهل يجوز ان تسافر؟ فيما لو انها سافرت مع محرم ثم تركها ؟ فيما لو سافرت و كانت جاهلة بالحكم ثم عرفت و تريد تتوب؟ فيما لو لم تسافر حصل عليها ضرر؟)

ان تغيير ما يحيط بالمسالة من احوال و خصاءص يغير احكامها مع ان العلة ذاتها و لنفترض هنا عدم وجود محرم. و في حال تم الايجاز باحدها فانها تاخذ به. ان الفاءدة من السؤال بهذه الطريقة هو الحصول على الجواب الحقيقي ليس فقط في الاحكام و لكن حتى في معرفة ما يريد شخص ما و ماهي قيمه و ماذا يختار في حياته و عن ماذا يتخلى


1.0.9. هل تعلم ان الفن يشغل حيزا كبيرا من حياتك؟

لقد غابت الفنون عن حياة الكثيرين و الملايين من الناس لاعوام طويلة ذلك انها ارتبطت بفرشاة و الوان فقط و اثر كساد اللوحات المرسومة ظن الناس ان لا قيمة مرجوة من الفنون و ادابها و علومها. الا ان لكل علم فلسفته اي له مبادءه و يرتكز الفن في فلسفته على الرموز كما بدا تماما. ففي حين ان رسم الموناليزا يعني ان تلك المراة موجودة على ارض الواقع و بقيت رمزا منتشرا لمعاني تلك الحقبة. الا ان الفنانين لم يجدوا اقبالا على الاعمال االدرامية و اللوحات الفنية لعدم وجود تطابق لها على الواقع في الوقت الذي ازدهرت فيها السينما كصناعة بشكل مخيف في بلادنا العربية برغم عدم تطابقها مع الواقع يجعلنا امام فهم جديد للفن. فاما ان يرغب به مفتقدوه او من يعيشه واقعا و يلمس اجزاءا من حياته اليومية.
لكن ماذا عن المدرسة الفلسفية الرمزية التي تعتمد مبدا تطابق الفكر مع الواقع و الاشخاص؟
يعتمد هذا الفن على رواية قصص تكررت في مجتمع معين او عالميا. ايضا تعتمد على اسقاط الفكرة على واقع الشخص لا العكس. فبدلا من ان تستمتع الطفلة لقصة الاقزام السبعة ثم تحلم بها يقوم مجموعة من الممثلون باداء مسرحي للاطفال بالثياب المخصصة و بعد ان تعيش القصة تجلس لتقراها في الصف المدرسي مما يجعل لها بعدا حقيقيا.
ان اول من اشتهر بهذا للفن بشكل جماهيري و واسع هو من اعتبره الكثيرون مؤسسا لما يسمى بالتنمية البشرية و هو ابراهيم الفقي الذي كان يستعمل الكنايات في خطاباته و يشرك الناس في اداءات مسرحية جماهيرية يهدف منها لايصال افكاره. كان ابراهيم يحدث الناس عن احد احلامه و اهدافه حين تبدا الاعلانات القصيرة التي نشاهدها في التلفاز تؤثر بشكل مباشر على سلوكياتنا و ترسم واقعنا فانت لنفترض تعيش في مصر و ترى في الاعلان رجلا شابا يجالس زوجته و يحدث اهله عبر التابلت و الانترنت و الواقع ان الاتصالات فاحشة الثمن او مقطوعة في تلك الفترة. لقد تحدث ايضا عن تحليق الطاءرات في السفر الداخلي بلا طيار عن طريق برامج مجهزة مخبرا الناس ان احدا لن يرضى بذلك بينما يتم توظيف الاطباء على انهم مضيفي طيران و طبعا لا يتم ابلاغ احد بالحقيقة الا وهي عدم وجود طيار في البلاد لان الشركات الخاصة تقوم بتسيير طاءراتها على مدار الساعة!
ان فهم الفقي و استخدامه للفنون الرمزية متحدثا عن مستقبل بعد عشر سنوات هو امر مذهل طبعا.
ماذا عن استخدام الفن مرة اخرى في الحياة اليومية. اليوم يستخدم امهر اللصوص الفنون للتخلص من المشكلات فمثلا ان سرق احدهم مالك فانه سيطلب اذنك في اخذ بنطال اعجبه و بشدة لديك و يخبرك انه سيدفع ثمنه لاحقا! نعم الكثير من التعويضات الفنية دخلت حياة الكثيرين.  
احدى مدراء الموارد البشرية تتحدث عن استخدامها الفنون الفلسفية الرمزية في تسهيل امورها. فمثلا يرد البها عدة سير ذاتيه ممتازة و لكنها تريد منح الوظيفة لمن هو اقل كفاءة و ترسل ممثلا عن الشركة ليخيرها بين وظيفتين لم تتقدم لهما اصلا على انها شاغرة. قبل ان تدخل للمقابلة يقوم احد العمال بتقديم الضيافة لها و تخييرها بين الشاي و القهوة مثلا كما لو كانتا الوظيفتين!
للفنون البصرية دور كبير ايضا في عمل الوسيط بين عدة جهات و ساتحدث عن ذلك في الجزء الثاني.





1.0.10. الحياة الناجحة في العقل السليم

اجلس في دورة تدريبية لا تمت لمستقبلي ولا لحاضري بصلة على ما ظننت. لا تحتوي اي من المحاضرات على المقولة التي ترددت على اسماعنا ليل نهار(العقل السليم في الجسم السليم) و كنت افهم ذلك على ان الرياضة و الغذاء الصحي ينتجان عقلا سليما قادرا على العمل بكفاءة. الا انني و برغم عشقي لمباديء الفلسفة التي تبني المعنى في الحياة و تحول المعاني و النصوص في الذهن لتعمل باعجاز على عدة مستويات الا انني لم اعي يوما هذا المقولة الا في الثانوية. قلت في نفسي وقتها تبا لهكذا تعليم هل سيتلقى ابناءي تعليم مشابها و يغدون مثلي يشبون على واقع خلقه اباؤهم بالفشل و استعباد الاخرين؟ اذكر جيدا اني بدات تطوير امالي ميقنة بان التعليم يغير المجتمع ما ان يخرج جيلا لا يفقه شيءا من ماضي اهله التعيس على كافة الاصعدة. الا انني لم ادرك ان فشل واقعي كان يعني فشلي مستقبلي فانا اعترف اني لم افهم واقع المجتمع و فهمت النظام التعليمي فقط. كنت اظن ان الخياة عبارة خطة تسير بها الى الامام من هدف لاخر بالتسلسل و لم ادرك ان الدم الطبيعي لا يسير بخط مستقيم رياضي بل يتشعب و هذا خلق الله فينا فكيف ننجح بخلق الناس؟
اعاتب نفسي بعد كل جهودي :كيف لم تنتبهي لمن هم حولك؟ لز احسنت الظن و ظننت ان اصدقاؤك هم مشروع مستقبل معك. ظننت ان على احراز نسبة عالية في الثانوية العامة ثم الالتحاق بكلية قمة كالهندسة او الطب و هو ما اردته على اي حال. ثم جنيت المال من التعليم بعد ان بحثت عن عمل يدره علي و يخدم رؤيتي البعيدة على اي حال. ثم ظننت اني ساسافر و ادرس في الخارج و اعود لبلدي و اعمل في شركة كبرى و انشؤ مشروعا مع اصدقاءي بحلول اواخر العشرينات او منتصفها. و درست ادارة المشاريع  لاتعلم عن الاستثمار فانا لا افقه لغة المال و لا املكه و كل البنوك حرام في نظري و بيءتي المليءة بالتحديات دون ادنى بصيص امل من الحلول الحلال. و ضع حلال في داءرة حمراء. دخلت الى مجال العمل و انا في السنة الثانية من الجامعة. درست الادب الانجليزي و تعبت فيه و وجدت زميلاتي التي تخرجن من مدارس خاصة و اجنبية يضحكون من المنهاج الذي يعادل دراسة الثانوية لديهم. تعمل زميلاتي في ارقى الشركات بينما يدرسن محاضرات مكتوبة اخر الترم. ادرس انا اخر الترم و لكن لا احظى بوظيفة لاني بلا واسطة و لا شكل جميل.  اعجبتني فكرة ان الانسان يحصل على عمله بمؤهلاته فتاة تقدم سيرة ذاتية لا ترفض مهما كان و تكون انيقة و مهذبة و ذكية. ظننت الذكاء يوما ياتي بالعلم حتى ادركت ان لواقع الحياة ذكاء اخر اعاقني عنه جلوسي وحيدة في المنزل فانا لا القى ترحابا بين البنات لاني لا اشتري المكياج لانه غالي. مضحك ها. اخذتني العزة بالاثم و اصصرت اني لا اريد تفاهات العجاءز في المجالس و اريد احتراما لشخصي لجهدي كانسانة . اتذكر ابنة عم خال ابو ام اخو ابي  التي كانت تزدريني غي كل مرة تنظر الي مع اني كنت اشعر بالسعادة ان تكرمت بالقاء التحية و مجالستي و السؤال عني. حسنا لقد اعترفت هي لاحقا اني مجرد حشرة بشعة تخشى من ذكر اسم مشترك بيننا كاسم العاءلة و لولا اني سمعتها باذني لكذبت ابو الشياطين لحبي لعاءلتي و اصدقاءي بكل سذاجة ظنا مني اننا نغمل جميعا لنكون جيلا جديدا. اضحك على نفسي اليوم كثيرا فقد كنت ابرر فشلي في ايجاد القبول من المجتمعين الكبار و مثيلاتي على انني اردت اثبات ذاتي بجهد و عمل و علم لكني فشلت في التطور او الجصول على القبول وهو مايفشل فيه المراهقون لا الكبار.
تقول زميلة في العمل(نحن السابقون و انتم اللاحقون) اصمت و لاارد على نظراتها الساخرة و ابتسامتها و مغامزتها لتلك التي بجانبها وليس اني اهلوس فقد اعدت تصوير كل ماحولي بالفيديو و اعادة النظر الى يومي مؤخرا كي ارى الحقيقة افضل. لم اعرف كيف اقول لها ان تلك الابن عم خال ابو جد اخت مدري مين قرايبيني و زميلتي تملك اليوم مدرسة و رفضت توظيفي فيها حتى قاءلة( يعني انتي بنت ناس عيب بحقك تشتغلي) نزلت كلماتها كالنار الحارقة على مسامعي. الم تكوني من بضعة سنوات تقولين انك تشجعين المراة العاملة و تبحثين عن عمل بنفسك. يا الهي هل تعنين بالعمل فتح مدرسة. الم اشمعيني ابحث عن تمويل و اتحدث باحلامي هنا و هناك الم و الم و الم؟ ياااااه يا عقلي لم لم تكن سليما و لم تفهم واقعك ؛ واقع نفوس الناس و المصالح. ياااه لم كانت نفسيتي محبة لهم بينما تبتغي عملا مشتركا و فكرو هم باهداءي عطرا كي لا تصدر مني راءحة مزعجة لجلساتهم النساءية! ياه على تلك النظرة في الفيديو تشبه نظرة انسة منشن لسالي. يقول كاتب المسلسل لن اسمح لابناءي ان يرو هذه التفاهات. قلت له لكن هذه التفاهات ربت جيلا كاملا. اجابني و من قال لك ان ابناءي سيكونون مثلك  فاشلون و يعملون عبيدا عند غيرهم؟ ابناءي سيكونون ناجحين اكثر بكثير و العوض بسلامتك (كما تردد خالتي)!   
حسنا لست مثلكم و لم افكر يوما سوى بتجارة ربحية مشتركة يالي من غبية فاليوم انا اكره مجرد رؤية المححجبات و الاسلاميين. قررت اني اريد حياة افضل و ان اعمل عند تاجر كافر خير لي الف مرة ان اعين مسلما هذه الايام فهناك فرق شاسع بين الظلم وانت تعلم و بين (انصر اخاك ظالما او مظلوما) التةقيت في تظاهركم بالاستجابة و التوبة اتى بعد انتهاءكم من تحقيق جميع رغباتكم على حساب مستقبلنا. اعجب لمن يفتح عيادة نفسية ليستعد لاستقبالك و سماع روايتك حول كيف تشعر بالغدر من صديقك صاحب العيادة لسنوات. ياااه كم راءع الاسلام و لم اكن افهمه حيث ان رضا الله ممكن و لكن ارضاء الناس مستحيل فاختر من تحب و من تكره و حلال عليك الكره و الايذاء. ياحبيبي ايها الدين الواقعي تطورت كثيرا و كبرت منذ اخر مرة جالستك حين كان التجسس حراما و لا توبة منه و السرقة لابد من قطع يد فاعلها فالعلام المدفوع اليوم جعل تلك الاموال امانة يردها عنكم الاباء!





1.0.11. أبوه يقول " ان شاء الله خير "

أحد الشباب في عائلتي أراد الدراسة في الخارج و يعلم أن أباه سيعارض ذلك بشدة كما فعل لأخيه و فجأة سمعنا أن فلان يسافر غدا بقبول من والديه للدراسة في الخارج فمالذي غير رأي الأب و جعله داعما لابنه بدلا من معارضا له. الاب كان دائما يشترط على الابن ان يدرس باجتهاد لكي يجد عملا فالعمل اولوية لديه. أيضا لديه قاعدة تقول بأنه اذا اغلق باب سيفتح باب آخر و " ان شاء الله خير" و هنا لا يجادل االب عادة عند اغلاق الابواب و لا يفكر بها. ذهب الابن الى احد المحلات التجارية القريبة و طلب منه ان يعمل لديه فوافق صاحب المحل مقابل ثمن زهيد. اشترط الشاب ان يعمل بلا مقابل مالي و قال له سأطلب منك خدمة صغيرة. بعد شهر سآتي إليك و معي صديق يحمل شهادة جامعية و أريد منك أن تجعله موظفا لديك لبضغة أيام فقط. و حين يسألك أحدهم عنه و أي أمر يختص به ستقول أنك وظفته لأنه يحمل شهادة جامعية من الدولة الفلانية. و فعلا عملا لشاب كل يوم لمدة ثلاث ساعات بعد المدرسة ثم طلب من اخوه ان يذهب بأبيه الى المحل بعد أن أصبح صديقه يعمل هناك لبضعة أيام. و حرص الشاب أن يجعل اخوه يسأل عن من يعمل هناك أمام والده فسمع الاب سبب توظيف الشاب و هنا عرض الاخ ان يعمل فرفض صاحب المحل ذلك لانه لا يمتلك شهادة جامعية. لاحظوا ان الشاب اتفق معه صاحب المحل على امرين: ان يقول انه قد وظف شخص لسبب كذا و لن يوظف شخص آخر لسبب كذا. ثم ذهب الشاب الى قريب لهم يدرس ابنهم في بلد خارجيه و طلب من ابن عمه ان يتحدث امام الاب عن اخباره و انه سعيد و ان اموره ممتازة و انه فخور به جدا. و فعلا في سهرة عائلية تم اظهار الفخر و المديح عن الشاب المسافر للدراسة. و بعد فترة جلس الابن مهموما يقرأ في الجريدة أمام الاب متعمدا طبعا عن قلة فرصة قبول الطلاب الجامعين بسبب ارتفاع معدلات الجامعة. و في نفس الوقت راسل الشاب جامعات خارجية يريدها و حصل على قبولاته و رتب اوراقه و لم يتبقى له سوى توقيع والده. و هنا و بعد تخرج الابن من المدرسة ذهب مع ابيه للقبول في يوم مزدحم جدا و واصر الابن على ان يقف الاب و يرى امور سيئة من الطلاب. اتفق الابن مسبقا مع بضعة شباب باظهار امور سيئة و اخلاق بذيئة امامه في الجامعة و ان يسخروا منهم لوقوفهم و اتى منهم شاب و قال للاب" يا عم لا تضيع وقتك هذي الجامعة للعب و احنا نسوي كل شي و ما في رقابة و انتوا شكلكم ناس محترمين مو من هنا" و فعلا شعر الاب بالانزعاج و تركوا المكان و عادوا للمنزل. و هنا اتفق الشاب مع الام ان تطرح فكرة الجامعة الخارجية و ان يجرب فلربما فيها " خير" و فعلا فكر الاب و تعمد الابن اظهار اليأس حتى يبدو ان هناك حلا موجودا لا ضغط فيه ابدا بل ه مجرد " خير" مرتب من الله. و خلال يومين حصل الابن على قبول افتراضي امام الاب و سبحان الله الامور فيها "خير" لانها سريعة الحدوث على عكس الجامعة المحلية. و هكذا وقع الاب وثيقة القبول و سافر الشاب.
سألت أحد الشيوخ عن رأيه فيما حصل فقال لي أنه يعتبر الامر ذكاء و لا مضرة للطرفين و لا مشكلة و أنه يطابق قول الرسول عليه السلام ( ان من البيان لسحرا)!





1.0.12. ماذا ستدرس؟ احفظ هذه العبارة جيدا

بسم الله الذي أنعم علي بالقدرة على  الكتابة و البيان
و الصلاة و السلام على الحبيب محمد

بعد أن  دخلت مرحلة الثانوية انهالت علي الأسئلة ب“ ايش بتدرسين؟“ في السعودية و ” شو بدك تدرسي؟“ بسوريا.  و كان لهذا السؤال أثر كبير في حياتي لأنه كان علي أن أفكر بشكل أعمق  في حياتي و قرأت الكثير من الكتب و المقالات و استشرت العديدين و كتبت عشرات الإجابات لأسئلة و تدريبات عديدة.  

رأيت الكثير من الشابات و الشباب بعيدين  جدا عن القدرة على اتخاذ قرار في تخصصاتهم الجامعية برغم توفر مصادر كثيرة و لهذا فإني أكتب هذا الكتاب تأدية لدوري في المجتمع.

و لعل مايميز هذا الإصدار أنني أكتب من واقع تجربتي  بعيدا عن التنظير في الكتب الأخرى سواء المهنية أو التعليمية أو التربوية.
  
أسأل الله أن يتقبل مني و يجعل الكتاب في ميزان حسناتي و أن ينفع به كل من قرأه و عمل به و شاركه.








1.0.13. هل التخصص يعني الحياة؟


سأفاجئك قليلا بإجابتي و أقول لك أن تخصصك الجامعي سيحدد طريقة جنيك للمال لفترة طويلة من الزمن حتى تقوم بشق طريق مختلف في حال كنت تطمح لذلك و لذا فإن الأمر يتوقف عليك و هو ما سيصعب عليه إدراكه جيدا في عمر السادسة عشرة لذا لا تضع الوقت و اختر تخصصك جيدا جدا جدا جدا. أن تتعلم تخصصا معينا تبرع فيه ليست فكرة جيدة على الإطلاق فكأنما يخبرك العالم أنك ستحصل على علبة بحجم رأسك و التنفس خارجها هو أمر ممنوع و غير مفيد و غير مثمر و غير فعال و محرم و مبذر للأموال و ستلحق بك كل الصفات السلبية و النصائح و بالرغم من أن اختراع فكرة التخصص الدراسي الذي أصبح كإشارة عند مفترق السكك الحديدية يسمح لك بالمرور دون عودة . الهدف من التخصص في مجال معين هو أن تعلم كل شيء فيه و تصبح خبيرا في استخدام المعلومات بشكل عملي و فعال و مثمر و لكن تذكر أن الهدف من اختيار تخصص دراسي هو أنك تريد العمل في مجال تحبه في المستقبل فتطور أفكارك و تبدع فيه إضافات مفيدة لمجتمعك و تستثمر شفغك و طاقاتك في جلب دخل مالي لحياة كريمة لك و لأسرتك . أما في يومنا هذا فإن التخصص الدراسي هو إما الأموال الطائلة المدفوعة لجامعة هارفارد و مثيلاتها أو هو الموضة الدارجة لتخصص مرموق و مربح أو هو مجرد شهادة جامعية تؤمن لك وظيفة حكومية أو أنك لا تحتاجه أصلا لأن عائلتك تمتلك عملا خاصا و أنت ابن المالك و المدير لكل شيء. في الماضي كان العلم هو أن يسافر أحدهم فيقطع الأيام و البلدان لكي يتعلم من أحدهم معلومات جديدة و خبرات في موضوع يتخصص فيه لأنه يرى أنه يحمل مسؤولية دينية في تبليغه أو أن الشخص يجري تجاربه فيتعلم باجتهاد كل ما يساعده على الوصول إلى التركيبة التي يحتاجها أو أنه يذهب إلى مدرسة صغيرة في القرية ليتلقى علما من خبير حيث يحلم الوالدان بأن يكون الابن شبيها بذلك العالم المشهور. و لذا من المهم جدا أن تفرق ما بين التخصص الدراسي و مجال العمل الذي تكسب منه رزقك و شغفك و هواياتك التي تعبر بها عن نفسك.  و على الرغم من أن أحد القراء سيقفز معترضا على أساس أن التناغم بين الأربع يؤدي إلى نجاح أكبر إلا أنك لا بد أن تفكر بكل منها باستقلال أولا.


1.0.14. قدراتك ليست حكما مؤبدا


علاماتك المدرسية للأسف أصبحت وسما يلتصق بك إلى الأبد فعندما تكون بارع في الرياضيات فلابد أنك ستعمل محاسبا طوال عمرك حتى لو كان السبب أن معلمك صعب في التعامل مع طلابه و يطلب منهم الكثير أو أن والدك كثيرا ما ضربك أو أهانك لنقص معدلك علامة واحدة عن المئة الكاملة! و إن كنت/ كنتي ماهرة باللغة العربية لأنك تحبين قراءة القصص و تبذلين الجهد في الحصول على علامة ممتازة لتحافظي عل معدل مرتفع يسمح لك بدخول الجامعة فالنهاية واضحة ستصبحين معلمة لغة عربية بدوام جزئي حيث ليس لديكي الكثير من الوقت لأنك أم! و ان كانت أغلب علاماتك كاملة فلابد أنك عبقري من النوع الذي يصلح لعمل كل شيء و بالتالي فإن الطب هو مجالك بالتأكيد.  لكن المعادلة تبدو غبية جدا عندما ننظر لها بهذه الطريقة فمن قال أن مدارسنا تعلمنا المهارات بشكل صحيح أولا؟ و من قال لكم أن وضع بضع أسئلة من قبل المعلمة هو مؤشر على أنك بارع في ممارسة مهارة التواصل مع الآخرين في حين أن السؤال يقول:" ماهي طرق الاتصال؟" إن رأيت أحدهم يعصر البرتقال و يزين الكأس بقطعة برتقال و قليل من السكر الملون فهل يعني ذلك أن قادر على بدء عملك الخاص في صناعة العصائر؟ أرجوك عزيزي الشاب و عزيزتي الشابة لا تنتظروا من الجهات التعليمية الرسمية أن تخبركم كيف تعرفون ما أنتم ماهرون بعمله و لتعلموا أن اكتساب مهارات الحفظ التي توصلك لتقرير دراسي بعلامات كاملة لا يعني حبك لتخصص ما أو براعتك فيه أو أنك ستجني منه المال.  و لربما تكون بارعا في عدة مهارات منذ صغرك كفنون الإلقاء في الإذاعة المدرسية و التي لن تجعلك بالضرورة مقدما للنشرة الجوية المسائية كما أن مهارتك في الرسم ليست كافية لتجعلك فنانا في متاحف باريس و حتى لو كنت متميزا في تشريح الضفادع كقدرة ثالثة فلن يحولك ذلك بالضرورة إلى الجراح الأفضل في البلاد.


1.0.15. الرغبة تختلف عن الاحتياج


إن كنت تستمتع بطهي السباغيتي و تحتاج لأن تطهو وجبة يومية فلا يعني ذلك أن تدرس في كلية فنون الطهي الملكية  و في حال كنت تحتاج لتدير مقهاك الصغير فلا يعني ذلك أنك شغوف بعلوم الإدارة. لكل  شخص احتياجاته اليومية و المتطلبات التقنية لكي يحقق أهدافه و لكن رغبتك مختلفة تماما و قد يخلط الكثيرون ما بين رغبتك في تعلم التزلج نهاية كل أسبوع لكي تلتقي بأصدقاءك مما يعني أنك ستتوقف عن التزلج غالبا عندما تنتقل من البلدة  حيث أن الاحتياج هنا اجتماعي مرتبط باشباع رغبتك في الانتماء لدائرة أصدقاءك و الحصول على المتعة في وقت الفراغ و بين هدفك في خوض تحدي مباراة دولية في سويسرا للتزلج مما يجعل لديك دافعا للتدرب يوميا لسنوات حيث أنك تحتاج للشعور بتحقيق الذات مما يجعلك سباحا ماهرا يقطع نهر التايمز حتى بدون وجود رجليه! إذن هل رغبتك الحقيقية تتعلق باحتياجك الذي قد شعرت به لربما بسبب الحرمان منه في فترة طفولتك و بالتالي فإنك قد تقضي حياتك كرد فعل أم أن رغبتك تتعلق بشخصيتك فأنت تعشق العمل على جهاز الحاسوب بحسب حبك للشعور بالاسترخاء بعيدا عن الضوضاء أم أن رغبتك هي شغف تطور من هواية قراءة القصص يوميا فانت تصبح مؤلفا و تسعى بجد في تعلم فنون الكتابة بانواعها أم أن رغبتك هي ما اكتشفته بعد سنوات من البحث عن ذاتك و تجريب العديد من الوظائف المؤقتة هنا و هناك حتى تنبهت لمدى متعتك العارمة عندما تسوق منتجا فتجعله محببا إلى النفوس. انتبه و اسأل نفسك لماذا ترغب بتخصص معين بشدة أو تميل له أكثر من غيره؟

1.0.16. المدرسة و الدولة يؤثران


مدرستك لديها طابع ثقافي معين قد يختلف أو يتناسب مع مجتمع بلدك الأم أو المجتمع المحلي الذي تعيش فيه و هو مؤثر مهم في تحديد ليس فقط مجال تخصصك الدراسي بل أيضا هواياتك و حرفتك و رغباتك و نعم هذا غير مبالغ فيه على الإطلاق و للدولة مثل ذلك التأثير . فمثلا لن تصبح صيادا في بلدة جبلية هو أمر مستبعد طالما أنك لم ترى النهر أو البحر إلا في مسلسل كرتون الأطفال الصياد الصغير و لن تعمل في مجال هندسة الغابات طالما أنك تعيش في بلد صحراوي و لن تمارس الفتاة ركوب الدراجة في دولة تمنع قيادة المرأة للسيارة. إن رؤية المدرسة و قيم القائمين على إدارتها تؤثر على توجهات الشاب و الفتاة لتخصص ما و لكيفية التفكير بالموضوع فهناك بيئة تحتضن الأفكار الإبداعية في العلوم بحيث أنها جهزت معامل اختبارية خاصة و بالتالي فإن الطفل يكبر ليرى الاهتمام منصبا على العلوم بعيدا عن الفنون الأدبية الكتابية حيث يتم تكريم الطلاب المتفوقين بالعلوم مثلا و بالتالي فإن الطفل يظن أن هذا الشيء هو الأفضل و أن عليه أن يتجه إليه بسبب تكون صورة إيجابية و مرغوبة في الذهن عن مادة العلوم و يشبه الأمر التسويق الإعلاني للكوكا كولا الذي ببساطة يهدف إلى منحك شعورا معينا يجعلك ترغب بشرء المنتج لأنه بعيد في الواقع قريب في الذهن مما يجعلك تطمح لتحصل عليه كما هم أصحاب الإعلانات و يصورون لك النشوة و المتعة و هو ما ستظن أنك تفتقده في لحظتك تلك. على أن الإشكالية تكمن في فترة ما بعد اختيار التخصص إذا يتفاجيء الشاب و الفتاة بأن دراستهم لتخصص معين كان بسبب تلك الصورة المرسومة في ذهنه منذ الصغر و هي ببساطة شراب البيبسي الذي تنافس عليه مع زملائه  لكنه بعيد عن رغبته الداخليه و موهبته و قدراته و نظرته في الحياة و المستقبل الذي يطمح إليه لذا تذكروا أن مدارسكم و مدارس أبنائكم ترسم مسار الاهتمام و التقدير لتخصص ما. لكن ماذا عن الدولة و كيف تؤثر على اختيار التخصص؟ لكل دولة طبيعة جغرافية خاصة تلعب دورا أساسيا في اقتصادها و تطورها و لذا غالبا ما تحرص الحكومة على تشجيع تخصصات معينة لوجود احتياج كبير لمتخصصين فيها و بالتالي فإن من يعمل في دول الخليج يجد دراسة الهندسة البترولية اختيارا موفقا من حيث الاستقرار الوظيفي .


1.0.17. هل لعائلتك أثر حقيقي؟

 

من العائلات من يشترط على الابن  أن يدرس تخصصا معينا لأنه متوارث في العائلة أو لأن العائلة تملك عملا خاصا بها في صناعة معينة و بالتالي فهي تريد أن تحافظ على العمل و تطوره و تبقي إدارته ضمن نطاق العائلة. أغلب العائلات تريد أن تحقق أحلامها الفائتة حين ترى أبنائها يحققونها فيزرع الوالدان حب تخصص معين لأنهما يتمنيان أن يكونا ابنهما الدكتور فلان و ابنتهما الصيدلانية فلانة و هكذا فينشأ الابن و لا يخطر بباله أن هناك الكثير من الاختيارات المتاحة الأخرى و التي هي من حقه و حتى إن علم فإن أصوات رضا الوالدين تتعالى برغم عدم التوافق ما بين مفهوم الطاعة المطلقة و الخوف من اللادعم و طاعة الله و الإحسان للوالدين. هناك من الأبناء من يتم توجيهه لمهنة معينة بنظرة تشاؤمية تقول أنك قد حصلت على علامة فلانية و يبدو هذا التخصص أكثر قبولا في المجتمع و بالتالي يؤهلك للزواج و يساعدك في دور الأبوة أو الأمومة. و بالرغم من أن الأدوار الاجتماعية لها أهمية و تحقيق التوازن في الحياة يعتبر أولوية إلا أن تطويع العلم و الاختيار لهذه العوامل لا يعد أمرا ايجابيا بل له تأثير حقيقي سلبي على الحد من أفق الطموح لدي الأغلبية و يدعو لنظرة غير مشجعة و يجعل نظرتنا محصورة في ماهو قريب المدى.


1.0.18. وسع نطاق خياراتك


حين تبدأ بالتساؤل عن ماذا ستدرس في الجامعة ستجد الأصابع موجهة إلى مهن محدودة تجدها في مجتمعك و حتى لو وجدت تخصصات أخرى فهي قليلة و مهمشة في الكليات الصغيرة و لكن هل يعني ذلك أن تتخصص فيما تحب من العلوم فقط لأنها غير منتشرة في جامعات مجتمعك أو دولتك أو المنطقة الاقليمية؟ لا تبحث عن الخيارات المتاحة بالنسبة لعلاماتك الدراسية لكن ابدأ مبكرا و اطلع على كل التخصصات في جامعات العالم المختلفة فحتى لو اعترضك صوت يقول أنك لن تجد عملا في هذا التخصص فلابد أن تعرف عن المزيد من فروع العلم حول العالم فالأمر يشبه تسوقك لشراء جهاز موبايل جديد حيث ستطلع على جميع المواصفات المتواجدة في السوق من مختلف الشركات ثم تختار ما تريد بحسب معا ييرك مما يتيح لك فرصة أفضل في قرار  أفضل  لمستقبلك و هو ما يجب أن تأخذه بجدية أكبر.  


1.0.19. أفضل طريقة


سأدلك على أفضل الطرق و خلاصة بحثي و تجاربي في مجال اختيار التخصص الدراسي الجامعي حيث قضيت الساعات في البحث و التفكير و القراءة و حضور البرامج المختلفة و صرفت مبالغ مالية كبيرة  في شراء الكتب و استشارة المختصين لذا انتبه جيدا لخلاصتي. لم أجد معيارا أفضل في الاختيار و تقليص الخيارات من الطريقة السويدانية التي ترتكز على ثلاثة عوامل ألا و هي مدى رغبتك في المجال الذي تريد دراسته و مدى وجود فرصة عمل بعد التخرج و مدى قدرتك على الدراسة و الاستمرار. بالنسبة للرغبة فإن ما يجعلك واثقا من اختيارك هو وجود أسباب شخصية و أهداف استراتيجية لحياتك أي أن طموحك البعيييد المدى هو ما يجعلك تندفع للأمام. أما بالنسبة لكيف تحد قدراتك فاستعن بالمصادر الأمريكية للدراسات المهنية حيث توضح لك مدرى ارتباط كل قدرة و موهبة بتخصص ما أما مصادر التعليم العالي و التخطيط  المهني البريطانية تركز على المهارات المكتسبة و يمكنك إيجاد ذلك في لوائح تابعة لوزارات العمل على المواقع الالكترونية الرسمية حيث يتم سرد متطلبات العمل في المهن مثلا العمل في المجال التقني يعني الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الحاسب الآلي فإن كنت رياضيا و تكره الجلوس و تمتليء بالحيوية و تحب الحركة و النشاط فإنك ستقيم المجال بنقطة أقل و ليس بالضرورة أنك ستلغيه من قائمة اختياراتك. بالنسبة لفرص العمل فيمكنك أن تستعين بالتقارير المهنية الصادرة عن المواقع الالكترونية المهنية و التي تقدم دراسات مستقبلية عن احتياجات الدولة التي تعيش فيها كما يمكنك الاستفادة من مواقع التواصل المهني لمعرفة أراء الخبراء في كل قطاع حول تطلعاتهم و توجهاتهم المستقبلية و هناك مصدر ثالث ألا وهو التوجهات السياسية و الاقتصادية للدولة فأغلب الدول تضع خطة استراتيجية للسنوات العشرين القادمة مما يساعدك على الإبحار على الأمواج بسلاسة.
 *جدول
*جدول تقييم بعد السنة الاولى
*تفسير متطلبات الوظيفة
*التدريب و العمل الصيفي
*دراسة بيل غيتس


1.0.20. هل تستمر مهما حصل؟


الآن أنت تدرس تخصصا معين سواء لم تبذل جهدا كافيا لاختيارك أو خضت جولة طويلة من البحث و الاستفسار ثم أنت مصاب بالإحباط  لأنك لا تستمتع بدراستك على الإطلاق و تواجه صعوبات و ليس تحديات و لربما تغيرت حالتك الاجتماعية أو تريد الانتقال من البلاد لظروف اقليمية أو أن قوانين البلدة تغيرت مما لا يسمح لك بممارسة العمل الذي تستهدفه بعد التخرج  و لذا تفكر هل أستمر في دراسة تخصصي و هل أستمر بالعمل في مجالي الحالي؟ الكثير من الناس درسوا تخصصات علمية لم يعملوا بها و آخرون قرروا تغيير حرفتهم بعد أعوام طويلة من الخبرة و السبب أنهم قد وجدوا شغفهم الحقيقي ينمو و يكبر مع طموحاتهم في مسار جديد لم يكونوا قد رأوه من قبل و لتعلم أولا أنه لا بأس عليك أن تغير و تتوقف عن مسارك عندما تجد سببا قويا لذلك فليس من المنطقي أن تغير من تخصصك في السنة الأخيرة و أنت تحبه فقط لأنك تجد تخصصا آخر تحبه أيضا و بما أنه اختيارك فبإمكانك إيجاد الحلول و تعويض ما تحب في هوايات تطورها في عمل خاص أو دراسات عليا و في النهاية القرار قرارك و من واجب الطبيب أن يوضح لك مخاطر العملية التي توشك على خوضها لأنك ستوقع على وثيقة تلزمك بالاعتراف بالأضرار و تحمل المسؤولية لكن هل هذا يعني موتك حقا؟ الشكر لله أن جسدك لا يموت إن غيرت تخصصك و لكن حياتك لن تكون مقبولة على الإطلاق مع اتخاذ قرارات خاطئة كبيرة و لإيجاد حل مناسب لسؤالك هل أستمر في تخصصي و عملي الحالي أم لا عليك أن تجيب عن الأسئلة التالية. أولا لماذا تريد هذا التغيير؟ لابد أن تضع على الأقل ثلاثة أسباب مقنعة فكلما صادفك تحدي شاق فيما بعد ستذكر نفسك بها فترتاح . ثانيا  ماهو بالضبط البديل الذي تريد التغيير إليه فكلما عرفت هدفك تمكنت من الوصول اليه. ثالثا اكتب كل العوائق التي ستصادفها و ابدأ في إيجاد حلول لها أي افترض أنك الآن تواجه متاعب مالية جراء قرارك فكيف ستتصرف؟ عندما تحسب الفروقات المالية ستحدد مبلغا معينا تحتاجه و عندها قد تقرر ايجاد عمل اضافي قبل البدء بالدراسة الجديدة.


1.0.21. قصص و تجارب


إحدى الفتيات تتحدث عن تجربتها لنا و طلبت أن لا نذكر اسمها و تقول:“ بدأت بالبحث عن التخصص الذي أريد قبل عامين من إنهاء الثانوية و أكثرت من السؤال في كل مكان و قرأت عدة كتب و حضرت المحاضرات لأحسن الاختيار و لكني برغم توصلي لبضعة اختيارات فقد منعتني ظروفي المادية مما أرغب فقررت أن أستمر في تخصص متواجد هو الأفضل في الفرص الوظيفية في المنطقة و بدأت بالبحث عن فرص إكمال دراسات عليا في إحدى التخصصات التي تمثل شغفي و عملت لمدة ثلاثة أعوام بعد التخرج باجتهاد و تقدمت للدراسة بجامعة أجنبية مرموقة لكن وقف في وجهي تحدي اجتماعي و فكري كبير يقول بأنني أنثى و لا يمكن لي أن أسافر و دفعت ثمنا غاليا لم أفكر في الالتفات له بعد أن وجد فرصة لدراسة ما أحب و العمل به عن طريق الانترنت و بدأت فعلا و تخطيت عقبات تقنية كثيرة ثم تفاجأت بعد التخرج مرة أخرى بأني أنثى و تم رفض عملي في المجال الذي أحب. كنت دائما أدرس المشكلات المحتملة و أضع لها حلولا لكني لطالما ظننت أن الخبرة و العلم سينفيان العوائق الاجتماعية و لكني كنت مخطئة. تعلمت التالي فاحفظ عباراتي جيدا:لا تتخلى عن ما تحب و استمر مهما كانت الصدمات.“


1.0.22. كيف تختار جامعتك؟



دخلت في إحدى المرات إلى مكتب للقبولات الجامعية و الخدمات التعليمية و تفاجأت بأحد الشباب يطلب من الموظف و يستنجد بأن يحضر له أي قبول جامعي في دولة معينة لأنه حاصل على موافقة معينة من وزارة التعليم و أنه سينقل من الجامعة لاحقا و يغير التخصص و طبعا رد عليه أحد الموجودين بقوله:“ الله يهداك يا أخي ما انت برايح بقالة هذا علم!“ طبعا بغض النظر عن التعليق على الوقت المتأخر جدا للبحث عن طريقة للحصول على القبول الجامعي و الذي يبدأ عادة قبل عام كامل أو ستة أشهر على الأقل لتحصل على نتيجة أفضل أو جيدة على الأقل لكن بحسب أية معايير عليك ان تختار الجامعة؟ التخصص هو المعيار الأول فابحث عن أفضل الجامعات في تخصصك و ركز على الدولة التي  تشتهر بالأبحاث و فرص العمل و التطور في مجال التخصص الذي اخترته لكي تتعلم أحدث التقنيات حيث أن قيمة شهادة علوم الحاسب تفقد قيمتها بمرور خمس  سنوات فقط  لأن التحديثات تكون قد تخطت ما تعلمته بكثير. و طبعا انتبه إلى أن الجامعة لابد أن تشتهر في تخصصك و الابحاث و ليس كاسم عالمي فقط.  ثاني معيار في اختيار الجامعة هو اعتمادية الجامعة من قبل وزارة التعليم في بلدك لأن ذلك هو ما سيتيح لك فرص التوظيف و التطور لاحقا. ثالث أهم معيار هو حرص الجامعة على التدريب العملي للطالب و توفير فرص العمل و تأهيل الطالب لسوق العمل. رابع معيار هو مهم بحسب الشخص ألا و هو موقع الجامعة بحسب الدولة و المدينة  حيث يفضل بعض الأشخاص المدن الكبرى لأنها أكثر أمانا او لتواجد طلاب أجانب كثر من جنسيات مختلفة و من دولته ذاتها أو لقب الدولة من مكان اقامته في بلده الأم. خامس معيار هو مدى ترابط   بجامعات أخرى حول لعالم مما يتيح لك فرصة التبادل الدراسي و التي تعد فرصة ممتازة لك لتحصل على خبرة غير متكررة و أيضا يمكنك أن تتابع دراساتك العليا في جامعات مرتبطة بالجامعة ذاتها في دولة أخرى. سادس معيار و له الأولوية لدى الطلاب ألا و هو تكلفة البرنامج الدراسي و فرص المنح الدراسية و شروطها حيث إن بعض الجامعات توفر منحا دراسية مقدمة من الدولة ضمن شروط عمل أبحاث بمواضيع معينة أو بالالتزام بعقد عمل بعد التخرج في نفس الدولة أو المحافظة على معدل عالي و  لابد لك عادة من تقديم رسائل توصية تثبت قدراتك الأكاديمية و خبرتك في الخدمة المجتمعية لبلدك. سابع معيار هو تكاليف المعيشة في المدينة فبعضها يفوق تكاليف الدراسة . و طبعا أنصحك بأن لا تفكر في أن التكلفة الأعلى تعني الجودة الأعلى لأن ذلك قد يعتمد على قيمة الضرائب و العملة المالية و لا يتعلق بالخدمات التي تقدمها لك  الدولة أو الجامعة حيث إن بعض الجامعات تحافظ على مستوى عالي من التكاليف بناء على سمعتها أو سمعة من يرتادها من طبقات مجتمعية معينة لذا لا تغتر بأن التكلفة هي الجودة أو الضمان أبدا.
 
 




























1.0.23. مع زملاء الدراسة

كم منا وقع ضحية معرفة زميله لعلاماته الدراسة؟ حتى جاء اليوم الذي خرجت فيه زميلتي تبكي و تكرر ذلك يوميا اثناء الامتحانات و انا اشعر بالاستياء لاجلها لانها تخفق في امتحاناتها لكن مالذي حصل؟ استلمنا شهادات الثانوية العامة لتكون هي من الاوائل الثلاثة على الدفعة و تعترف بانها كذبت علي بدموع التماسيح! لم انسى يومها اني تعاطفت معها فهي زميلتي اليومية في الدراسة و لكن حين تشعر أن اأحدهم قد غدر بك فلابد أن تعلم الحفاظ على معلومات الشخصية جيدا. طبعا أن لا أدعوك لتمثيل دموع التماسيح مع زميل االمدرسة فهذا تصرف غير ناضج على الاطلاق و طفولي ايضا و لتلجأ له في حالات أخرى أما في المدرسة فلتكتفي بالمبادرة بالعطاء و ستجد من حولك لا يخشونك ابدا بل يتقرون اليك و يخبرونك بكل ما لديهم و ستجد لديك الخبرة التي تحتاجها و المعلومات دون ان تخبر زميلك كم ساعة درسة و اي تخصص دخلت! بالنسبة للتخصص الدراسي فقد قابلت العديدين في حياتي ممن لا يخبرونك عن تخصصهم. فمثلا كانت زميلتي منذ مقاعد الدراسة الاولى حتى الجامعة و خبرتني انها تسجلت معي في نفس القسم و ان جداولنا للحضور مختلفة فقط و مجموعاتنا تم توزيعها بشكل مختلف حتى تخرجت انا و لم تتخرج هي لاتفاجأ بها بعد ثلاث سنوا تتعترف لي بتزوير بطاقتها الجامعية و انها درست تخصصا آخر  ولم ترد اخباري لاني لا استطيع الالتحاق بالتخصص لقلة مواردي المالية! شعرت باستياء اكبر فانا لم اكن اخفي عليها شيئا من المحاضرات او الملاحظات الصفية او المتحانات و كانت تكزب بمهارة شديدة حتى اربع سنوات كاملة!!! نعم لربما أنا ساذجة لكنها خبيثة جدا و ها انا احذرك عزيزي القاريء و انصحك ان تخفي معلوماتك الشخصية و لتعلم ان القانون في صفك و ستجد من حكماء الشريعة من يبيح لك ذلك كثيرا و يعتبره ضمن دائرة ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان). ليس من طبيعتي التجسس على الاخرين و لكني امرر لك مهارة تعلمتها الا و هي المبادرة في الترف على الاخر بحيث اطرح الاسئلة اولا حتى حينما لا اكون مهتمة بالاجابة فانا اجد اظهار الاهتمام للاخر جزء من احترامي له و جزء من طرق تواصلي معه و ابتعد عن الاسئلة الخاصة بحث لا تدفع الاخر ليسئلك عن امورك الشخصية بالمقابل. طبعا ستقابل شخصيات وقحة تواجهك باسئلتها عنك فكن مستعدا باجابات واضحة و مباشرة حتى لو كانت كاذبه بشرط انك لديك دلائل عليها كتقرير دراسي معدل على الفوتوشوب و منسوخ بطابعة ليزرية في مكتبة خدمات الطالب في اخرشارع منزلك.

1.0.24. ان ما تتعلمه هو ما لن تستفيد منه مرة اخرى

حسنا الحياة غير عادلة و من السنن الحياتية ان تتعلم كيف تحافظ على منزلك بعد ان يسرقك لص ما و لكن احزر ماذا فبعد ان تتخذ كل التدابير الامنيه فلن يكون هناك اي لص فعليا. و ان تعلمت الكراتيه فلن يكون هناك فرصة لتقاتل احدا و تدافع عن نفسك حقيقة. نعم ستتعلم كيف لا تثق بالناس بعد ان غدر بك احدهم لتجد نفسك بعد ذلك محاطا بالاشخاص المسالمين و من هم اهل الثقه و لكنك لن تثق بهم. حين تتعلم كيف تكتب مقالة ممتازة بعد فشلك في اكثر من 50 مقالة لتحصل على العلامة المنشودة فلن يكون هذا هو سبب قبولك في الجامعة. بعد ان تتواعد مع اكثر من 50 فتاة و تتعلم الفنون كلها ستتزوج فتاة لم تستخدم معها اي حيلة!
لم يخبرني احد ان تعريف التعلم : هو ان تدخل تجربة بكل مافيها من مصاعب و مخاوف و مؤثرات حسية لتصل الى مجموعة من المهارات بعد الكثير من الممارسة و تتوصل الى نتيجة بسيطة من ملاحظاتك و تكرار فشلك.
لم يخبرني احد ان الحياة لا قيمة لها حين تجرب شيئا مرة واحده و حين تظن ان التلم يتاتى من الكتب التي يكتبها احدهم بعد ان خاض تجربته في زمن ما ما قد لا ينطبق عليك و على زمانك.
لم يخبرني احد ان قيمة الحياة تاتي في استهتارك بتجارب الاخرين و استعدادك لعدم الاكتراث مشاعريا خصوصا بعد ان تسجن مظلوما و تجلس وحدك في ظلمة لا يعلم بها الا الله.


1.0.25. مع المعلمين

الى مدى تظن ان المعلم يمكن أن يكون مكانا جيدا لسرك؟ ان ذلك يعتمد على عمرك طبعا بالاضافة الى نوع المشكلة الي تواجهها. من المهم ان لا تظن ان اخبارك للمعلم بشكل مباشر سيجعل ذلك من المعلم عصا سحرية لحل مشكلتك و بالتالي عليك ان تتاكد ان المعلم او دكتور الجامعة شخص جيد في حد ذاته. اختبر معلمك قبل الجوء اليه. مثلا اخبره عن قصة مشابهة لقصتك على انها تحصل مع احد الطلبة الذين تعرفهم و انك مجرد رسول له و لتنظر كيف سيجيبك. ايضا من المفيد ان لا تخبر معلميك عن اي من مشكلاتك الشخصية في المنزل الا ان عجزت عن ايجاد المساعدة. من المهم ان تفكر في كيفية طرح الفكرة على المعلم بدلا من مجرد لقاءه و طرحها بكل صراحة فالصراحة هي اصل المشكلات التي لها علاقة بامنك الشخصي و العائلي. و قد يلجا المعلمين لاي من الجهات الرسمية للحماية الاسرية لمساعدتك و في هذه العائلة فانت لا تحصل على المساعدة بل على المزيد من التعقيد و انتشار للمزيد من المعلومات الشخصية حولك للاخرين. حين تتحدث عن مشكلتك لا تبالغ بها مهما كانت مزعجة و مؤلمة لك بل حاول وصف الحدث دون الابلاغ عن معلومات عامة تظن انت انها مفيدة في حل مشكلتك.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق